متراجعا عن اختيارات تقليدية في علاقته بالمغرب، باشر القصر الرئاسي الكولومبي جلساته مع قيادة جبهة “البوليساريو”، متجاوزا تراكم تفاهمات عقدتها الرباط وبوغوتا على امتداد السنوات الماضية بلقاءات وزارتي الخارجية في البلدين.
ولا تبدو علاقات البلدين ماضية بالشكل المطلوب بعد صعود الرئيس اليساري غوستافو بيترو المتخلي عن عقيدة الصدام المسلح لصالح العمل المؤسساتي، بعدما كان مشاركا في الحرب الأهلية الكولومبية مؤمنا بالأفكار الاشتراكية.
وبعد أولى أيام التنصيب رئيسا استقبل بيترو محمد سالم ولد السالك، الذي يقدم نفسه كـ”مسؤول للخارجية بجبهة البوليساريو”، متفقين على “استئناف العلاقات” تماشيا مع الاتفاق المبرم بين كولومبيا والتنظيم الانفصالي بتاريخ 27 فبراير 1985.
وإلى حدود السنة الماضية، وقع المغرب وكولومبيا مجموعة من الاتفاقيات الثنائية ومذكرات التفاهم التي تهم التعاون في مجال الخدمات الجوية ومكافحة المخدرات والإعفاء من تأشيرة الإقامة قصيرة الأجل بالنسبة إلى المواطنين المغاربة والكولومبيين الحاملين لجوازات سفر عادية.
كما امتلكت العاصمة بوغوتا موقفا متقدما من قضية الصحراء المغربية، بإصدار رئاسة الجمهورية الكولومبية السابقة تعليمات وجهت إلى سفير بلادها في الرباط لتمديد نفوذ السفارة في جميع أنحاء التراب الوطني المغربي، بما في ذلك جنوب المملكة؛ وهو ما يعد اعترافا منها بسيادة المغرب على الصحراء.
ويعود أول اعتراف كولومبي بـ”جمهورية البوليساريو” إلى سنة 1985 خلال فترة ولاية الرئيس بيلساريو بيتانكور؛ لكن جرى توقيف العمل به سنة 2001 خلال فترة رئاسة أندريس باسترانا، قبل إحيائها تفاعلا مع صعود اليسار.
محمد الطيار، الخبير في الشأن الأمني والإستراتيجي، قال: “غوستافو بيترو أول رئيس يساري في تاريخ كولومبيا، كان ينتمي إلى منظمة “ام.19″، إحدى التنظيمات المسلحة التي انخرطت في الصراع المسلح داخل كولومبيا، قبل اتفاق السلام لسنة 1999”.
وكان من المتوقع، وفق المصرح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن يستغل النظام العسكري الجزائري وصوله إلى سدة الحكم للإسراع برفع قرار تجميد العلاقات مع البوليساريو، الذي سبق أن اتخذته كولومبيا سنة 2000.
وسجل الخبير في الشأن الأمني والإستراتيجي أن قرار إعادة العلاقة مع البوليساريو ليس أمرا مستغربا، فهو يخضع لتقلبات الساحة السياسية داخل كولومبيا ويتغير وفق توجهات الحزب الفائز في الانتخابات الرئاسية.
واعتبر المتحدث أن وزيرة العلاقات الخارجية الكولومبية سبق أن صرحت، سنة 2015، بعد قرار تجميد العلاقات مع البوليساريو، بموقف يرضي رمطان لعمامرة، وزير الخارجية الجزائري، الذي كان في زيارة لكولومبيا.
وسلك الموقف نفسه البرلمان الكولومبي حين استقبل سنة 2016 وفدا يمثل البوليساريو؛ لكن في المقابل عرفت سنة 2021 زيارة نائبة رئيس الجمهورية الكولومبية إلى المغرب، وقررت تمديد نفوذ سفارة كولومبيا ليشمل كل التراب الوطني المغربي.