قدم مختصون تفاصيل حول “الرؤية وخارطة الطريق الوطنية حول المبادرة الوطنية للتمكين الاقتصادي للنساء بالعالم القروي”، التي أعدها كل من بنك المغرب ووزارة الشغل والإدماج المهني والمقاولات الصغرى والكفاءات، بتعاون من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية.
وقدمت يكبون غوروز، الخبيرة في اقتصاد النوع بمدرسة فرانكفورت للاقتصاد والتسيير، تفاصيل الدراسة الاستطلاعية التي سبقت إعداد الرؤية الوطنية، قائلة إنها خلصت إلى أن 74 في المائة من النساء القرويات لديهن مستوى منخفض من سلطة اتخاذ القرار، وأيضا من حيث الاستقلال المالي؛ فيما 18 في المائة منهن يساهمن في دخل الأسرة ولديهن مستوى معين من سلطة القرار داخلها، و8 في المائة فقط لهن نشاطهن الخاص المدر للدخل، ولهن سلطة اتخاذ القرار على هذا الدخل، أو لهن القدرة على الولوج لدخل الأسرة وسلطة اتخاذ القرار.
معيقات التمكين الاقتصادي
ورصدت غوروز، خلال ًمؤتمر صحافي نظم اليوم الأربعاء، حول “التمكين الاقتصادي للمرأة القروية”، بشراكة بين كل من بنك المغرب ووزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولات الصغرى والكفاءات، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بالمغرب، والتحالف العالمي للشمول المالي، والجامعة الأميركية “فليتشر سكول”، أهم المعيقات أمام التمكين الاقتصادي للمرأة القروية، التي قالت إن من بينها ندرة الفرص الاقتصادية، ناهيك عن كون التمكين الاقتصادي والشمول المالي مقيدين من خلال عدم وجود أنشطة مدرة للدخل.
وقالت المتحدثة إنه “رغم تحسن الوصول إلى التعليم المدرسي فإن الافتقار إلى المهارات العملية القابلة للتسويق هو العائق الرئيسي من حيث العمالة والأنشطة المدرة للدخل”.
وحسب تفاصيل الرؤية التي قدمتها الخبيرة ذاتها فإن المرأة الريفية “تواجه سلسلة من العنف الاقتصادي والنفسي والجسدي داخل المنزل وفي المكان العام، بسبب العديد من المسؤوليات المتنافسة غالبًا ما يفضلون الأنشطة القريبة من المنزل”.
وأفادت الخبيرة في اقتصاد النوع بأن الشمول الاقتصادي شرط ضروري للشمول المالي، وهو مقيد بقلة الأنشطة المدرة للدخل، مضيفة: “هناك بعض أوجه القصور في إطار حيازة الأراضي (تخصيص الأراضي المشتركة للمرأة، حق الميراث)، لكن على المدى القصير مسألة الضمانات يثبت أنها غير مهمة للشمول المالي. حتى لو حملت امرأةً ملكية الأراضي في المناطق الريفية نادرا ما يمكن أن تشكل ضمانة مفيدة”.
توصيات
أكدت غوروز أن الأمية الوظيفية لا تمنع من الوصول إلى التدريب العملي الأساسي، قائلة: “أفاد أصحاب المصلحة بأن المهارات العملية في الخدمات، مثل الحرف والمهن الأخرى التي تتكيف مع السياق الاجتماعي والثقافي، يمكن اكتسابها بنجاح حتى في ظل قيود محو الأمية المحدودة للغاية”.
وشددت المتحدثة على “الحاجة إلى مراقبة وتنسيق مختلف الجهات الفاعلة ونماذج الدعم بشكل أفضل”، مؤكدة أيضا على “الحاجة إلى برنامج ضمان أو صندوق ضمان مخصص للمشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة التي تديرها النساء”.
ودعت غوروز كذلك إلى “خلق فرص اقتصادية تهدف إلى تحقيق قيمة مضافة عالية، وتعزيز وجود التعاونيات النسائية، وأيضا القيام بحملات توعية حول القضايا الاجتماعية بين الرجل والمرأة، والترويج لنماذج الأدوار الأنثوية”، وتابعت: “المعايير الاجتماعية هي موضوع شامل نحو التمكين الاقتصادي للمرأة الريفية. توصيتنا هي تضمين قسم عن المعايير الاجتماعية لكل مبادرة”، وشددت أيضا على “توعية أوسع للمجتمع بشكل عام، وتعزيز قبول التغييرات في التمكين الاقتصادي المتزايد للمرأة الريفية بشأن المساواة بين الجنسين وإشراكها في التدريب على المنتجات المالية”.
رؤية التمكين الاقتصادي
وتحدثت حكيمة العلمي، مديرة المراقبة للأنظمة وطرق الدفع والإدماج الاقتصادي ببنك المغرب، عن تفاصيل رؤية التمكين الاقتصادي للمرأة الريفية، قائلة إن “الفرص الاقتصادية محدودة أو غير موجودة أو يتعذر الوصول إليها، ناهيك عن الافتقار إلى المهارات التقنية”.
وقالت العلمي، خلال كلمة لها، إن الرؤية تتضمن ضرورة انتهاز الفرص الاقتصادية بالقرب من منازل النساء، مع فتح إمكانيات كافية للحصول على الخدمات المالية الملائمة لهن، وبأسعار معقولة تتلاءم مع الاحتياجات والظروف المعيشية.
وحسب المتحدثة ذاتها فإن الرؤية تنبني أيضا على تمكين النساء القرويات من خدمات الادخار والتأمين والدفع والتمويل، موضحة أنه “للقيام بذلك، تعتمد المؤسسات المالية والسلطات العامة، بالتعاون مع المجتمع المدني، الممارسات الشاملة الجديدة: تقوم بتنفيذ الأدوات والقنوات المناسبة لتمكين المرأة الريفية من الاستفادة من التدريب حول المهارات المهنية وبرامج الدعم وبناء القدرات”.
وحسب العلمي فإن عوامل النجاح الرئيسية تنبني على ضمان الجهود المنسقة على المستوى الوطني لخلق التآزر وتحسين الموارد المراد تعبئتها، وتنفيذ تدابير هادفة، مع مراعاة سمات المرأة، وتحديد المناطق الريفية كجزء من مرحلة التشخيص.
وتحدثت المسؤولة ذاتها عن “اتباع نهج شامل وتدريجي لتحقيق هدف التمكين الاقتصادي والاعتماد على التواصل مع المرأة الريفية والمجتمعات لتسريع التغيير”.
الحكامة
خديجتو تاويل، رئيسة خدمة التشجيع على التشغيل الذاتي بوزارة الشغل والإدماج المهني والمقاولات الصغرى والكفاءات، تحدثت عن تفاصيل الحكامة التي تنبني عليها الرؤية وخارطة الطريق.
وحسب تاويل فإن الرؤية تنبني على إنشاء وصيانة الزخم حول الرؤية والأهداف المشتركة على الصعيد الوطني، وخلق التآزر بين الجهات الفاعلة في النظام بشموليته (القطاع العام والخاص والمجتمع المدني) لتحقيق الأهداف الوطنية وتطوير وتنفيذ رؤية شمولية.
وأكدت المتحدثة على ضرورة التركيز على الإجراءات عالية التأثير كجزء من مجال التدخل، وإنشاء قاعدة بيانات وآلية مشتركة للرصد والتقييم لتعزيز الفهم المشترك لرصد التحديات وأثر الجهود المبذولة؛ ناهيك عن التواصل بشكل منسق وبانتظام عن الإنجازات والتقدم.
وقالت تاويل إنه يمكن تشكيل لجان فنية لتنفيذ ومراقبة خارطة الطريق، موردة أنه “سيتم تحديد الأدوار والمسؤوليات بطريقة واضحة في إطار مذكرة تفاهم، وسيتم تعيين المنسقين لضمان توافق الرؤى والتوجهات والأهداف مع السياسات القطاعية والمبادرات الأخرى؛ ناهيك عن المراقبة المستمرة لاتساق وتكامل الجهات الفاعلة في المبادرات الرئيسية”.