بعد التوتر الذي وسَم، خلال الأشهر الأخيرة، علاقة مهنيي النقل السياحي بوزارة النقل واللوجستيك، بسبب تأخر معالجة المشاكل التي يتخبط فيها القطاع جراء تداعيات جائحة فيروس كورونا، وقع انفراج في العلاقة بين الطرفين، بعد اجتماع انعقد أمس الأربعاء، تم التمهيد فيه لتسوية عدد من الملفات العالقة.
واستأثرت النقطة المتعلقة بمديونية مقاولات النقل السياحي بحيز كبير من النقاش بين المهنيين والوزارة، التي عبرت عن ترحيبها بملتمس طرحته الفيدرالية الوطنية للنقل السياحي بالمغرب يقضي بتحمل أحد الصناديق العمومية لمديونية القطاع من أجل “تحرير المقاولات من قبضة شركات التمويل”.
ويسود، منذ شهور، توتر كبير بين مهنيي النقل السياحي وشركات التمويل والبنوك، بسبب رفض هذه الأخيرة تأجيل سداد الديون المتراكمة على أرباب المقاولات نتيجة ركود القطاع خلال فترة جائحة كورونا وإقدامها على رفع دعاوى قضائية ضدهم للحجز على عرباتهم.
وأشاع اجتماع الوزارة مع المهنيين جوا من التفاؤل في صفوفهم، حيث عبرت الفيدرالية الوطنية للنقل السياحي بالمغرب عن “ارتياحها” لاستئناف مسار المشاورات بين الوزارة والمهنيين، داعية باقي القطاعات الوزارية إلى “التفاعل السريع والجدي مع مراسلاتها ومقترحاتها”.
ويقوم الحل الذي اقترحته الفيدرالية الوطنية للنقل السياحي لتسوية مشكل مديونية المقاولات على أن يتحملها أحد الصناديق العمومية، على أساس إعادة “جدولتها لاحقا بدون فوائد وبأقساط معقولة”.
ولم يتم الحسم في هذه النقطة؛ غير أن الطرفين اتفقا على تطوير المقترح وإعداد تصور تفصيلي حوله بشأن عدد المستفيدين والميزانية اللازمة، في أفق عرضه على الحكومة قبل حسمها في مشروع قانون المالية لسنة 2023.
وطلبت وزارة النقل واللوجستيك مدها بالمعطيات المتعلقة بحجم ديون مقاولات النقل السياحي، في أجل خمسة عشر يوما؛ لكن المهنيين يعتبرون أن هذه المهمة يجب أن تقوم بها شركات التمويل والبنوك، باعتبارها الجهة التي تتوفر على المعلومات المتعلقة القطاع.
وأفاد محمد بامنصور، الكاتب العام للفيدرالية الوطنية للنقل السياحي بالمغرب، بأن الفيدرالية ستراسل المجموعة المهنية لبنوك المغرب والجمعية المهنية لشركات التمويل بهذا الخصوص، مشيرا إلى أن الوزارة وعدت بطرح ملتمس إحداث صندوق المديونية على وزارة الاقتصاد والمالية في أفق إدماجه في مشروع قانون المالية للسنة المقبلة.
واعتبر المتحدث ذاته أن قطاع النقل السياحي “خرج من أزمة جائحة كورونا ليدخل في أزمة المحروقات التي هي أشد وقعا”، معتبرا أن 1000 درهم التي يحصل عليها المهنيون عن السيارات الصغيرة، في إطار الدعم الحكومي لمهنيي النقل، “لا تكفي حتى لملْء خزان السيارة بالوقود”.
ويُكبد الارتفاع الكبير لأسعار المحروقات مهنيي النقل السياحي بالمغرب خسائر مالية، حيث وجدوا أنفسهم مجبرين على تقديم الخدمات للسياح الذين حجزوا قبل ارتفاع الأسعار بالأسعار التي كانت مطبقة آنذاك، تنفيذا للعقود التي تربطهم بوكالات الأسفار الدولية، تحت طائلة المتابعة القضائية.
وحصلت هسبريس على نسخة من مراسلة موجهة من طرف وكالة للأسفار إلى صاحب وكالة للنقل السياحي بالمغرب، تهدده فيها برفع دعوى قضائية ضده إن لم يؤمن تنقلات وفد سياحي بالسعر المتفق عليه سابقا، قبل ارتفاع أسعار المحروقات، دون أي زيادة.
وذهب محمد بامنصور إلى القول إن مهنيي النقل السياحي “مجبرون على القيام بعملهم، ولو بالخسارة”.
من جهة ثانية، وعدت وزارة النقل والتجهيز مهنيي النقل السياحي بتشديد مراقبة الطرقات عبر ربوع المغرب للحد من ظاهرة الترامي على مهنة النقل السياحي، وممارستها من طرف أصحاب النقل السري أو مهني نقل غير مرخص لهم بالنقل السياحي.
كما التزمت الوزارة ذاتها بإعداد إطار قانوني جديد لقطاع النقل السياحي، يهدف إلى تسهيل انخراط المهنيين في تأسيس مقاولاتهم الخاصة وإضفاء مزيد من النظام على القطاع ومحاربة بعض الخروقات القانونية المتفشية فيه.