لم يترك إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فرصة ترؤسه المجلس الوطني للنساء الاتحاديات اليوم الأحد بمقر الحزب بالرباط تمر دون الرد على هجومات عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة الأسبق.
واتهم لشكر حزب العدالة والتنمية بالاتجار بالدين، وقال في معرض حديثه أمام نساء الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية: “أذكر بذلك، ولعل الذكرى تنفع المؤمنين، وحتى من يتاجرون بالإيمان، الذين يسمحون لأنفسهم بتقديم الدروس حول ما يسميه زعيمهم المؤامرات التي تتعرض لها الحكومات من طرف المعارضة، حتى أصبح لسانه لينا مع الحكومة وفظا مع المعارضة رغم أنه للأسف محسوب عليها”.
واعتبر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن بنكيران تناسى الأدوار التي قام بها لضرب تجربة التناوب التوافقي؛ وهي الحكومة التي كانت لها شرعيات لم تكتسبتها أي حكومة سابقة أو لاحقة، على الرغم من أنها منبثقة من دستور كانت به قيود كثيرة: شرعية انتخابية، وشرعية سياسية باعتبارها نتاج مسار حوالي عشر سنوات من المفاوضات حول الانتقال الديمقراطي، وشرعية شعبية كان ينطق بها لسان الشارع الذي عقد عليها آمالا كثيرة.
من جهة أخرى، عبر لشكر عن عدم الرضا على ما تضمنته المشاريع الحكومية بخصوص حقوق النساء، إذ لم تتضمن النوايا التي قدمها رئيس الحكومة أمام البرلمان في أول خطاب وجهه إليه، ولا قانون المالية، ولا عديد من مشاريع القوانين والمراسيم، حتى تلك المرتبطة بالدعم الاجتماعي، لم تتضمن ما يوحي بالوعي بضرورة إدماج مقاربة النوع الاجتماعي خارج الشعارات، و”للأسف كانت الكثير من الإجراءات مطبوعة بتوجه محافظ لا يعكس حتى الدعاوى والشعارات الليبيرالية المرفوعة”، على حد تعبيره.
كما طالب الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بضرورة تحيين مدونة الأسرة وفق التطورات المجتمعية، بما فيها الأرقام التي تتحدث عن تصاعد في نسبة النساء اللواتي يعتبرن المعيل الأول للأسرة.
وأضاف لا ننكر أن إقرار مدونة الأسرة كان واحدا من اللحظات المهمة في تاريخ بلدنا، وفي سيرورة التحديث، بما فيها إدماج الدين كرافعة من روافع التحديث، عوض أن يكون كابحا له بقراءات متقادمة ومتجاوزة ومتوقفة عن الاجتهاد ومغرقة في التقليد.
واستدرك قائلا: “لكن بعد 17 سنة من إقرار المدونة، ومن واقع الممارسة، ومن استقراء لما يروج في المحاكم من قضايا كثيرة متعلقة بزواج القاصرات، والطلاق، والنفقة، والإرث، والاغتصاب الزوجي، فقد أصبح ضروريا إعادة فتح ورش مدونة الأسرة من أجل تحيينها بنفس الروح السابقة، أي روح المواءمة بين الشريعة والحكمة، بين الروحي والاجتماعي، بين روح الإسلام باعتباره دافعا نحو الحداثة وبين روح الحداثة باعتبارها استمرارا نوعيا للرسالات السماوية التي تحض على التضامن والعدل والمساواة”.
وبالتبعية، يؤكد زعيم الاتحاد الاشتراكي، فإنه يجب تغيير الكثير من بنود القانون الجنائي التي أصبحت متجاوزة، ويساء توظيفها، أو أنها مكلفة حقوقيا، وخصوصا ما تعلق منها بحماية الحياة الخاصة والحريات الفردية.
وتابع: “إن المتأمل الموضوعي لبعض القضايا المرتبطة بالحريات الفردية سيقر لا محالة أن النساء هن من يدفعن الثمن الأكبر للقصور الذي يشوب حماية الحقوق الفردية، سواء في الإطار القانوني أو في الممارسات الاجتماعية”.
إلى ذلك، دعا لشكر إلى تنزيل خلاصة المشاورات التي أمر بها الملك فيما يخص ملف الإيقاف الإرادي للحمل، رغم الملاحظات التي سجلها الحزب على هذه الخلاصات.
وزاد قائلا: “إننا نعتبر تغيير الترسانة القانونية من أجل إباحة توقيف الحمل في الحالات التي تم التوافق حولها سيكون مكتسبا من شأنه أن يوقف كثيرا من المآسي، خصوصا المرتبطة بالحمل الناتج عن جرائم الاغتصاب، أو الحمل الذي يهدد حياة الحامل”.
كما دعا لشكر إلى تجريم زواج القاصرين والقاصرات، وتجريم الاغتصاب الزوجي، وتجريم منع الفتيات من إكمال دراستهن، وتوسيع مجال منح المغربية المتزوجة من أجنبي للجنسية المغربية، وأحقية المرأة المطلقة الكفيلة في استخراج جواز السفر لأبنائها القاصرين وباقي الوثائق الإدارية التي ما زالت تتطلب إذن الأب أو موافقته، وتوقيف منع النساء من ولوج الفنادق لوحدهن، مبرزا أن هناك نساء يتعرضن للطرد من بيوتهن في وقت متأخر من الليل وترفض الفنادق استقبالهن بدعوى أن بطاقتهن الوطنية تتضمن عنوانا في نفس مدينة الفندق، كما أن بعض النساء يكن قد غادرن المدينة التي توجد ببطاقة تعريفهن دون تغيير البطاقة، غيرها كثير من القضايا.