قالت صحيفة “إلموندو” الإسبانية إن رئيس الوزراء الإيطالي، ماريو دراغي، استفاد بشكل كبير من الأزمة المفتوحة بين الجزائر وإسبانيا نتيجة التحول الذي اتخذته الحكومة الإسبانية حول حل مشكلة الصحراء المغربية.
وأشارت اليومية الإيبيرية إلى هذا الأمر بعد إبرام كل من الجزائر وإيطاليا، أمس الاثنين، اتفاقية سياسية واقتصادية واسعة، في قمة ثنائية، تطمح من خلالها الجزائر أن تحل محل روسيا كمورد رئيسي للغاز إلى إيطاليا، في وقت اتجهت فيه إسبانيا إلى الاعتماد على الولايات المتحدة الأمريكية كمورد رئيسي للغاز بدل الجزائر في خضم الأزمة المذكورة.
وأوردت الصحيفة ضمن مقالها تصريحا للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عقب لقائه بدراغي، قال فيه: “إننا نتصور تقاربا كاملا في وجهات النظر حول القضايا الرئيسية والوضع في ليبيا ومالي والساحل، ونتفق على دعم جهود مبعوث الأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية ومينورسو لحل النزاع”.
واعتبر المصدر ذاته أن الأزمة الإسبانية الجزائرية كانت دافعا أساسيا للاتفاق الحالي بين إيطاليا والجزائر لجعل روما الحليف الأوروبي الرئيسي لقصر المرادية، مشيرا إلى اللقاء الذي عقده وفدان عن البلدين في الجزائر بقيادة رئيس الحكومة الإيطالية ماريو دراغي وستة وزراء من الحكومة عينها بهدف رئيسي هو ضمان إمدادات أوسع من الغاز في ظل تقليل الاعتماد على الغاز الروسي، مقابل “علاقة أوسع”.
وكان تبون أعلن في الجزائر العاصمة عن توقيع اتفاقية بقيمة 4000 مليون دولار، ستسمح لإيطاليا باستيراد كميات كبيرة جدا من الغاز الطبيعي. وتشمل الاتفاقية شركة القطاع العام الجزائرية “سوناطراك” والشركات الأمريكية والإيطالية والفرنسية “أوكسيدنتال” و”إيني” وتوتال”، على التوالي.
وكان دراغي قد صرح بأنه في الأشهر الأخيرة، أصبحت الجزائر المورد الرئيسي للغاز إلى إيطاليا عبر خط أنابيب الغاز “ترانس ميد”؛ إذ وصفت “إلموندو” الإعلان عن زيادة الإمدادات الجزائرية بـ 4 مليارات متر مكعب من الغاز ابتداء من الأسبوع المقبل، بـ”النمط المتسارع” مقارنة بما كان متوقعا.
خالد الشيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول، قال إن “مقايضة المواقف السياسية بالطاقة بالنسبة للدول الأوروبية، إذا ما اعتمدنا على النموذج الإسباني الجزائري، غير ذات جدوى”، مبرزا أنه “لو كان بإمكان الجزائر مقايضة غازها بمواقف لصالح أطروحتها في الصحراء المغربية، لنجحت في ذلك مع إسبانيا”.
واعتبر الخبير في العلاقات الدولية أنه “سيكون مهينا لإيطاليا أن تتخذ موقفا سلبيا من مغربية الصحراء في هذه الظرفية التي تتسم بالحاجة إلى الغاز الجزائري”، مذكّرا بأن الموقف الإيطالي من قضية الصحراء واضح، حيث تدعم إيطاليا جهود الأمم المتحدة فيما يتعلق بإيجاد حل سياسي نهائي ومتوافق عليه في إطار الأمم المتحدة.
وأكد الشيات أن الجزائر “إذا كانت تعوّل على إيطاليا لحصد هذا الموقف، فإنها مخطئة”، ذلك أن المواقف، يوضح المتحدث، “يجب أن تكون ذات طبيعة استراتيجية، والإيطاليين يعلمون أن قضية الغاز والطاقة ليست ذات طبيعة مسترسلة على المستوى الاستراتيجي؛ لأن البدائل المتاحة على مستوى السوق الدولية متعدّدة، بما فيها دول الشرق الأوسط وغيرها”.
واستحضر أستاذ العلاقات الدولية لجوء الجزائر في وقت سابق إلى دولة البيرو في أمريكا الجنوبية كمنفذ لتصرّف انتصارا دبلوماسيا بعد توالي دعم دول أمريكا الجنوبية لمغربية الصحراء، وفتح عدد منها قنصليات في الأقاليم الجنوبية للمغرب وسحبها الاعتراف بالجمهورية الوهمية.
وشدد الشيات على ضرورة أن يأخذ المغرب المسألة بشكل جدي في علاقته مع إيطاليا، وأن يحافظ على موقفها فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية ودعم جهود الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي متوافق عليه.