خرج العمال الزراعيون والمياومون بإقليم اشتوكة آيت باها في احتجاجات انطلقت يوم الاثنين الماضي، واستمرت إلى غاية صباح يومه الأربعاء، تنديدا بالأوضاع المزرية التي يشتغلون فيها، وللمطالبة برفع الحيف والتهميش الذي يطالهم.
وقال عبد الله مهماوي رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان باشتوكة آيت باها إن هذه الاحتجاجات التي خرجت بأكثر من مكان في الإقليم، عفوية، وليس مخططا لها، ولا مؤطرة من أي هيئة نقابية أو سياسية، وإنما هي احتجاجات جاءت نتيجة مجموعة من التراكمات المتعلقة بظروف العمل وهزالة الأجرة إضافة إلى غلاء المعيشة.
وأبرز مهماوي في تصريح لموقع “لكم” أن الغلاء كان هو النقطة التي أفاضت الكأس، ودفعت هؤلاء العمال والمياومين للخروج في “حراك احتجاجي” منذ ثلاثة أيام، حيث لم يعد هؤلاء قادرين على سد الحاجيات الأساسية لأسرهم، وعلى رأسها الطعام.
وتوقف الحقوقي على الظروف غير الإنسانية التي يشغل فيها العمال الزراعيون الذين تنطلق معاناتهم منذ الساعة الثانية ليلا، حيث يخرجون في اتجاه سيارات نقل لا تحترم فيها أبسط شروط الكرامة الإنسانية، Y* يتم تكديسهم نحو الضيعات، وهو ما يتسبب بشكل مستمر في حوادث تودي بحياة العديد منهم، وينضاف إلى ذلك الاستغلال وساعات العمل الطوال وعدم التصريح في الضمان الاجتماعي، وهزالة الأجرة التي لا تتعدى 80 و875 درهما في اليوم، وغيرها
وأشار المتحدث إلى أن هذه الأوضاع شكلت موضوع احتجاج العديد من الهيئات النقابية والحقوية والسياسية بالإقليم، والتي ظلت تدق ناقوس الخطر محذرة مما قد يسفر عنه هذا الاستغلال والاحتقان الاجتماعي من نتائج سلبية، لكن دون أن تجد هذه التحذيرات آذانا صاغية من طرف المسؤولين.
وأكد مهماوي أن هذا “الحراك” قوبل بالقمع والعنف الذي طال المحتجين، والذي تجدد صباح يومه الأربعاء، حيث استبقت القوات العمومية تجمع المحتجين وعملت على تفريقهم في الأزقة، وهو ما أسفر عن مجموعة من التوقيفات، إلى جانب توقيفات أخرى أمس في حق المحتجين، لكن المسؤولين الأمنيين أكدوا لحقوقيي الجمعية أنه جرى إطلاق سراح الجميع بعد التحقق من هوياتهم.
وأضاف المتحدث أن هذه المقاربة الأمنية لم تقتصر على المحتجين، بل إن عضوا من الجمعية تم نزع هاتفه وتفريغه من كل الصور والمقاطع التي توثق التدخل في حق المحتجين.
وأكد الفاعل الحقوقي غياب أي حوار مع المحتجين، بما في ذلك العمال الزراعيين، نافيا أن يكون هناك أي قرار للزيادة في أجورهم، وأبرز أن “العصى” والمقاربة الأمنية هي التي تحكم الوضع، فلو كان هناك حوار واحترام لحقوق العمال، لما اضطر هؤلاء للخروج والاحتجاج، ودعا إلى الحرص على تطبيق قانون الشغل على علاته، واحترام الدستور الذي يؤكد على كرامة المواطنين، خاصة وأن العمال يلوحون بالتصعيد.
وإلى جانب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تفاعلت عدة هيئات سياسية وحقوقية ونقابية مع الاحتجاجات، وأكدت أن العمال لم يتظاهروا إلا بعدما بلغت أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية إلى مستويات مزرية، خاصة مع غلاء المعيشة، في الوقت الذي يعانون فيه من كل أشكال هضم الحقوق وظروف العمل غير الإنسانية.
وأدان فرع الحزب الاشتراكي الموحد باشتوكة آيت باها كل أشكال الاستغلال التي يتعرض لها الزراعيون داعيا إلى تطبيق صارم لقوانين الشغل من أجل حمايتهم، بدل التدخل الأمني والقمع في مواجهة المحتجين الذي لن يؤدي إلا لمزيد من الاحتقان.
وقالت النقابة الديمقراطية للفلاحة بالإقليم إن الاحتجاجات خرجت تنديدا بالاستغلال والفقر وللمطالبة برفع الأجور بما يواكب غلاء المعيشة، فالعمال الزراعيون يتقاضون أجرا هزيلا لا يغطي يوم العطلة، ولا يكفي لتغطية مصاريف مستلزمات حد أدنى من العيش.
وأبرزت ذات النقابة أن العاملات والعمال الزراعيون يعيشون في أحياء الفقر التي لا تتوفر فيها ظروف العيش الكريم ولا المصالح الضرورية، كما أن المجموعات الفلاحية الكبرى المصدرة التي تراكم الأرباح وتستفيد من الإعانات العمومية لا تساهم في التخفيف من الأوضاع الاجتماعية المزرية للشغيلة، بل تحاول تقليص مكاسبهم بعدة أساليب ملتوية، تحرمهم من عدة حقوق على رأسها التغطية الصحية، وكلما أرادوا التعبير عن رفضهم كان مصيرهم الطرد.