دقت حركة ضمير ناقوس الخطر إزاء الظرفية بالغة الصعوبة بالمغرب حاليا، في ظل غياب النمو الاقتصادي، والتدمير المهول لفرص الشغل، وارتفاع البطالة، وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين، وتضارب المصالح في قرارات السياسة العمومية، وغيرها، معتبرة أن التعديل الحكومي الذي يتم الحديث عنه لن يكون ذا جدوى.
وأدانت حركة ضمير بشدة في رسالة مفتوحة، حالات الفساد المتعددة واختلاس المال العام والاحتيال وتضارب المصالح، والصفقات العمومية المشبوهة، وحالات الإثراء السريع المريبة، والترامي على أملاك دون موجب حق استغلالا للنفوذ المكتسب من مواقع المسؤولية، وشبهات محاولات التأثير والضغط على منتخبين نزهاء.
وعددت الحركة في رسالة مفتوحة، جملة من أشكال انتهاك القانون والأخلاقيات التي تخترق الطبقة السياسية وتضع فاعلين في التحالف الحكومي محط مساءلة أخلاقية، على المعنيين بها توضيح ملابساتها للرأي العام دفاعا عن الشرف.
ومن جملة ذلك، حسب الحركة؛ تسرُّب متابعين في تجارة المخدرات للمسؤولية الحزبية والسياسية، إيقاف أحد أعضاء الأمانة العامة الجماعية لحزب حاكم، محاولة السطو على أراض جماعية، تعدد حالات التجريد من المسؤولية الانتخابية في حق العديد من منتخبي التحالف الحكومي (31 برلمانيا ينتمون للتحالف الحاكم من ضمن 42 برلمانيا)، وغيرها.
وانتقدت الحركة الضعف المستشري في الطبقة السياسية عموما، والإخفاقات الواضحة لمجلس النواب ومجلس المستشارين اللذين أصبحا مجرد مسجل ومردد لقرارات الحكومة، أمام عجز أحزاب المعارضة عن تشكيل بديل فعلي للأغلبية القائمة.
وعبرت “ضمير” عن صدمتها إزاء الصور المتداولة لأعداد غفيرة من الأجيال اليافعة والشابة وهي تحاول مغادرة بلدها عن طريق الهجرة الجماعية المعلنة، وأحيانًا على حساب حياتهم، وذلك بشكل مؤلم وجارح وغير مسبوق، ينم عن فقدان أمل نهائي لديهم ولدى أسرهم المعوزة من سياسات ووعود المسؤولين.
وقالت الحركة إن الحكومة أصيبت بالشلل بسبب عجزها عن بلورة خطاب متماسك بعد المشهد المدمر الذي قدمه للعالم مئات وآلاف الشباب الذين يحاولون عبور الحدود سباحة أو سيراً على الأقدام، وبسبب عجزها عن التعامل مع ظاهرة الشباب الذين لا يجدون عملاً ولا تعليماً ولا تدريباً، والذين يبلغ عددهم ما يقارب أربعة ملايين ونصف المليون يافع وشاب مغربي تتراوح أعمارهم بين 15 و34 عاماً.
ونبهت الرسالة إلى تدفق الأموال من جديد في الانتخابات التشريعية الجزئية الأخيرة، إلى جانب البلطجة، في ظل نسب مشاركة جد متدنية، لم تتخط 6.5% في دائرة الرباط – المحيط، ما يدل على انعدام الثقة والغضب.
وفي خضم السياقات المضطربة في العالم والتوترات الكبرى، اعتبرت الحركة أن البلد مطالبة أكثر من أي وقت مضى، أن تحقق خطوات دالة وفعلية في مجال العدالة الاجتماعية والمجالية، بدءا بانتشال الفئات المحرومة من براثن الفقر والضياع وفقدان الامل، وفي هذا الصدد على الطبقة السياسية وجوبا، أن تعطي المثال من سلوكها عبر التخليق الفعلي للحياة السياسية والمحاربة الصارمة لهدر المال العام والاثراء غير المشروع.
وسجلت “ضمير” أن التعديل الحكومي سيكون بلا جدوى، لأنه سوف يماثل وضعَ ضمَّادة على ساق خشبية، معتبرة أن اللحظة الراهنة ذات حساسية بالغة على البلاد، باعتبارها تحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى مبادرة سياسية من طرف الدولة.
وأعلنت الحركة أن نشاطها سوف يتمحور اليوم حول العمل على بلورة نموذج سياسي جديد، سيتم تصوره في إطار المرجعية الدستورية واحترام ثوابت الأمة، وسيتخذ شكل مقترحات تشريعية وآليات عمل وهياكل تهدف إلى تحديث عمل الأحزاب السياسية، وتنظيم ديمقراطيتها الداخلية، وضمان شفافيتها المالية، وتسقيف نفقاتها الانتخابية، وفرض عقوبات جنائية على استعمال المال في الانتخابات، ومحاربة تضارب المصالح وحالات التنافي، وتخليق الحياة العامة، وضمان استقلالية الأحزاب السياسية عن كل تدخل، و ذلك من أجل تثبيت دورها ضمن الفضاء العام كما ضمن المؤسسات.
وأكدت “ضمير” أنه وبدون هذه المتطلبات الأساسية، ستبقى تنمية المغرب وازدهار المغاربة واقعاً افتراضياً ينتظر أجيالا أخرى.