تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية بغضب صورتين لشباب عار يرفعون أيديهم فوق رؤوسهم وآثار العنف بادية على ظهورهم.
وفي أول تفاعل “رسمي” بخصوص الصورتين، خرجت اليوم الثلاثاء، مصادر محلية بعمالة المضيق الفنيدق تكشف صحة الصورة أو المقطع المصور الذي يظهر مركبات للقوات المساعدة، مؤكدة أنها صور قديمة.
وأوضحت ذات المصادر أن الصورة والمقطع المرتبط بها يتعلق بـ”تمكن القوات العمومية من إحباط عملية هجرة غير مشروعة سباحة نحو ثغر سبتة المحتلة، حيث تم إنقاذ أولئك الشباب وانتشالهم من مياه البحر، وهو ما يفسر ظهور هؤلاء الأشخاص شبه عراة إلا من ملابس السباحة التي كانوا يرتدونها حين ضبطهم من قبل القوات العمومية”.
واكتفت ذات المصادر بالتشكيك في صحة الصورة الثانية التي تظهر جلوس أشخاص حيال حائط إسمنتي، وارتباطها بالأحداث الجارية بمدينة الفنيدق، معربة أيضا عن “عدم اليقين” حتى من كون الصورة ذات صلة بأحداث جرى تسجيلها بالمغرب.
واجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي تعليقات وتدوينات غاضبة، انطلقت قبل خروج التوضيح المنسوب لمصادر محلية بالتعبير عن الأمل في ألا تكون الصور صحيحة، واشتدت مع تأكيد صحة الصورة.
وكتبت الناشطة الحقوقية سارة سوجار على حسابها بفيسبوك “الصورة قديمة او حديثة …صورة حقيقية(حسب توضيح مصدر من عمالة الفنيدق) …تثبت تعنيف أطفال و إهانة كرامتهم وآدميتهم …وتستدعي وقفة إدانة حقيقية للطريقة التي يعامل بها المغاربة و أطفالهم فوق ترابهم الوطني …كما لا يمكن ان تبرر هذه الكارثة الحقوقية باي شيء كان …لذلك يجب التعبير بشدة و الدفاع بشراسة عن كرامتنا و كرامة أطفالنا جميعا”.
سوجار التي تحدثت في تدوينتها عن الخروقات الممارسة منذ سنوات في حق المهاجرين من طرف السلطات المغربية أكدت أنه “لا يجب أن نصمت على ماوقع في الفنيدق.. ليس فقط بالقول و بتحليل أسباب الهجرة، و لكن بإدانة حقوقية صارمة، قولا وفعلا …تعتبر أنه كيفما كانت الأسباب و الظروف و السياقات، ليس من حق رجل سلطة،كيفما كانت رتبته، مرتبته، او مبرراته أن ينتهك حق مواطن، وخصوصا إن كان طفلا وضحية لسياسات هدفها زيادة التفقير و التهميش و الضحك على الذقون”.
وتفاعلا مع البلاغ كتب الصحافي محمد اليوبي “أزمة تواصل.. وزارة الداخلية عممت بلاغا بدون هوية منسوبا إلى مصادر محلية بعمالة المضيق الفنيدق حول صور متداولة صادمة. واش ما كاين حتى مسؤول فهذ البلاد تكون عندو الجرأة يخرج يقدم توضيحات للرأي العام الوطني والدولي؟”.
وبدورها تساءلت الصحافية هاجر الريسوني ” يعني لو كانت الصور قديمة أخذت قبل أيام لا تحتاج المحاسبة أم ماذا؟”، وعلق الصحافي عبد الله الترابي “مثل هذه الصور هي التي تسيء فعلا للمغرب!! راه ماشي هذا هو المغرب الذي نريده لأطفالنا ولأنفسنا”.
ومن جهته كتب الناشط الحقوقي خالد البكاري “البعض نشر رواية لمصدر من “الفنيدق” دون توضيح صفته، يقول إنها صورة قديمة، وهي بالفعل بالفنيدق، وأن من في الصورة في وضع ينتهك الكرامة، كان قد تم انتشالهم من البحر بعد محاولتهم الهجرة سباحة… إن صح الأمر، فهو لا يقلل من الصدمة، إذ المفروض هو تغطيتهم بغطاء دافئ بمجرد إخراجهم من الماء، وليس تركهم شبه عراة وبالليل، في ذلك الوضع المزري بالكرامة الإنسانية”.
وأضاف البكاري في تدوينة له “بعد رواج هذه الصور، فإن المسؤولية تقتضي توضيحات عاجلة من الجهات المسؤولة، فإما نفي بقرائن مقنعة، وإما فتح تحقيق في الملابسات وترتيب الجزاءات (وإن كنا قد تعودنا أن استخدام بلاغ رسمي لكلمة فتح تحقيق غالبا يفضي إلى طي الملف بعد نسيان الجميع له).. و كل تأخر في التوضيح من جهة رسمية مسؤولة سيمنح للصورة مصداقية، بل سيساهم في تصديق الناس لصور أخرى قد تكون مفبركة”.
وختم البكاري تدوينته بالقول “بصدق، اتمنى أن يقنعني احد بأنها صورة غير حقيقية، فمهما وصلت حدة رفضنا أو انتقادنا أو معارضتنا للسياسات القائمة بالبلد، فإن الضمير الإنساني المجرد لا يمكن أن يقبل انتهاك كرامة مواطنين بهذه الكيفية.. هي صورة صادمة لدرجة أنها غير قابلة للتوظيف من طرف اي معارض، وغير قابلة للتبرير من طرف اي موال للنظام”.
وكتب عزيز غالي رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان “إن الحديث عن أن الصور قديمة من أجل تبرير ما جرى يحيلنا على 3 نقاط أساسية: أولا أن الذين في الصور أطفال مغاربة تم تعنيفهم من قبل السلطات المغربية . وثانيا؛ أين هي المواثيق التي صادق عليها المغرب؟ إننا امام حالة تعذيب موثقة بالصور حسب بروتوكول إستانبول. وثالثا؛ جرائم التعذيب لا تتقادم، أي أيّا كان زمن هاته الممارسات يجب فتح تحقيق جاد من طرف النيابة العامة لترتيب الجزاءات”.