عثر علماء آثار في بيرو على جثة غامضة ترتدي أقمشة بيروفية قديمة وتحمل في يديها الهزيلة صليبا خشبيا قرب الصدر، داخل أكبر حديقة حيوانات في البلد اللاتيني.
ويعتقد العلماء أن ثمة سرا وراء هذه الجثة الغامضة التي تم العثور عليها في واحدة من بين أكثر من خمسين مقبرة تعود إلى ما قبل الإسبان، التي تحتضنها حديقة البيرو، لذا يفكرون أنها ربما كانت مقبرة استعمارية.
وإلى جانب هذا الشخص، الذي لا يزال يحتفظ بأربعة أسنان وشعره رمادي، تم اكتشاف بقايا اثنين آخرين، أحدهما طفل رضيع، حيث ظلا لقرون مخبأين على قمة “تريس بالوس” الرملية، والتي كانت بمثابة معبد منذ ألف عام، في عصور ما قبل الإنكا.
واستأنف علماء الآثار، بقيادة لوسينيدا كاريون، نائبة مدير الآثار في بلدية ليما، العمل في “تريس بالوس” في يوليوز الماضي، بهدف فك الرموز التي كانت المدخل الرئيسي لما كان ساحة في عهد إمبراطورية الإنكا.
وفوجئ هؤلاء العلماء بالعثور، أمام منزل استعماري، على هذه المدافن الثلاثة، محاطة بعناصر نسيجية وأساور وأغطية جنائزية؛ وهو ما أثار في الوقت الحالي أسئلة أكثر من الإجابات.
ولا يوجد حاليا شيء معروف عن الجنس أو العمر أو الفترة التي عاش فيها هؤلاء الأفراد. والشيء الوحيد المؤكد، بسبب وجود صليب خشبي جيد الصنع، هو أنه يعود إلى الفترة التي بدأت عام 1532، عندما وصل المستعمرون إلى بلاد الأنديز وبدأت الفترة الانتقالية وسقوط إمبراطورية الإنكا.
وقالت كاريون: “لا نعرف بالضبط ما إذا كانت هذه هي الفترة الانتقالية، عندما وصل الإسبان (…) ولكن من الواضح أنها قد تكون أيضا خلال الفترة الاستعمارية. منذ وصولهم حتى 1600 و1700”.
وأوضحت العالمة أن جثتي الشخصين الراشدين مستلقين، كانتا متجهة إلى الشمال، ووجوههما “تنظر” إلى البحر، حيث كان من البديهي أن هذه الشخصيات قامت بأنشطتها الرئيسية المتعلقة بالصيد.
ويحمل الهيكل العظمي المدفون مع الصليب هذه الأداة بيده اليسرى، وعلى معصمه يرتدي سوارا من الخيط، حالته متدهورة مثل الأقمشة القطنية التي غطته.
وتابعت: “الفرد الآخر لديه شريط ألوانه أحمر وأصفر وأسود.. شكل الملابس يلفت انتباهنا. النسيج الذي يرتديه هو نموذج للناس هنا، إنه قطن وملون أيضا”.
بسبب هذا الاندماج بين العناصر المحلية والاستعمارية، يُفترض أنه البقاريا ربما تعود إلى مستوطنين أصليين تحولوا إلى المسيحية أو حدوث تزاوج بين الغزاة والسكان المحليين، وهي قضايا يثق كاريون أن التحليلات المختبرية ستحلها خلال الفترة المقبلة.