أخبارنا المغربية – بدر هيكل
يرى الدكتور محمد شقير، الباحث الأكاديمي المغربي، أن المشهد السياسي في المغرب لا يزال يعاني من تفشي النزعة الشعبوية، التي أدت إلى ميوعة الخطاب السياسي وتنابز بعض زعماء الأحزاب بالألقاب والنعوت القدحية، إلى جانب تهجم بعض القيادات الحزبية على المؤسسات الدستورية والتحريض على معاقبة المنافسين السياسيين.
ويضيف المصدر ذاته، أن شعبوية الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، لا تتوقف عند حد، ولا تتورع عن استخدام مختلف النعوت القدحية ضد خصومها السياسيين.
وجه عبد الإله بنكيران انتقادات حادة لحكومة عزيز أخنوش، مستغلاً مناسبة نقاش دعم الأرامل، وذلك خلال اجتماع الأمانة العامة للحزب مؤخراً. عبر بنكيران عن شكوكه في مصداقية تصريحات الحكومة، متهمًا إياها بالتراجع عن وعودها بشأن دعم كبار السن والأسر المحتاجة. كما كرر بنكيران مهاجمته لخصمه رئيس التجمع الوطني للأحرار، عقب الخسارة التي مني بها حزبه في الانتخابات الجزئية في عدة أقاليم، مشيرًا في بث مباشر على صفحته بالفيسبوك إلى أن “أخنوش لا علاقة له بالسياسة، لا فكر ولا إيديولوجية له، ولا يصلح للسياسة”.
ومرة أخرى، عاد بنكيران إلى شن هجوم لاذع على وزير العدل عبد اللطيف وهبي، بعد خروج الأخير في لقاء على القناة الثانية مهاجمًا رئيس الحكومة الأسبق وحزبه. خلال اجتماع الأمانة العامة لحزبه، عاد بنكيران إلى الصراع الدائر بينه ووزير العدل، وخاطبه بالقول: “لم أشتمه بل قلت إنه وزير فساد وليس شخصًا فاسدًا.. وإن كان لا يريد أن أسمّيه وزير الفساد فسأسميه وزير الفاحشة ووزير إشاعة الفاحشة بين المؤمنين”.
كما لم يسلم الوزير محمد المهدي بنسعيد من لسان بنكيران، ففي معرض رد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية على الوزير بخصوص إلغاء منحة التغذية لملتقيات الشبيبات الحزبية، ومن بينها شبيبة العدالة والتنمية، قال متهكمًا على الوزير في الجلسة الافتتاحية للملتقى: “بنسعيد يجب أن يكون معكم، لأنه مازال صغيرًا، ويجب أن يكبر ويصبح رجلاً”، مضيفًا أن “الرجولة هي الكلمة”.
أما وزير التعليم العالي عبد اللطيف ميراوي، فقد وصفه بنكيران بـ”الصكع”، على إثر فشل الحوار مع طلبة كليات الطب والصيدلة. وقال بنكيران خلال كلمة له أثناء انعقاد الاجتماع العادي للجنة الوطنية لحزب العدالة والتنمية، “مع الأسف خرج هذاك الصكع ديال وزير التعليم العالي (ميراوي)، وهو إنسان صكع جاي من حزب صكع”.
رد قاس من أخنوش على بنكيران
أمام شبيبة حزبه في جامعتها الصيفية، التي انطلقت مساء أمس الجمعة، لم يفوت عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، فرصة الرد على غريمه السياسي عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، واصفًا إياه بأنه “أصبح مؤشرًا على الفشل السياسي”.
وتوجه أخنوش إلى بنكيران، قائلًا: “خرجاتك لن تجرنا إلى الكلام الساقط”، و”أخلاقنا السياسية في حزب التجمع الوطني للأحرار لن تسمح لنا بأن نسب الناس”، وأضاف أن “السب والقدف في السياسة ليس ممارسة وإنما يبين الفشل”. واعتبر المتحدث ذاته، أن “السياسة أخلاق، ولا يمكن لأحد أن يدافع عن الأخلاق في السياسة إذا لم يملك أخلاقًا”.
وقال عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، راشيد الطالبي العلمي، موجها كلامه لبنكيران: “ليس من يخاطب آلاف الشباب المغاربة كمن يدخل قاعة ليجد فيها بالكاد 18 شخصًا، ليطلق عنانه للانفجار وتفريغ ما بداخله.. يجب عليه ضبط أعصابه”، مضيفًا أنه “لا يمكننا أن نخاطب البدائيين إلا بلغتهم، رغم أنني أتحفظ على النزول إلى مستوى كلامه المشخصن والبذيء”.
وفي سياق متصل، اعتبر عبد الإله بنكيران، ضمن أشغال الملتقى الوطني الـ18 لشبيبة العدالة والتنمية، تصريحات خصومه السياسيين بأنها “إشهار من ناس أكادير لحزبه”. وقال بنكيران: “إن اهتمام حزب الأحرار بتصريحاته دليل على أن المعركة السياسية في المغرب حاليًا أصبحت بينه وبين أخنوش، مشيرًا إلى أنه اطلع على رد رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار بعد صلاة الفجر”.
خطابات سياسية غارقة في الشعبوية
يؤكد الدكتور محمد الأمين مشبال أن الشعبوية تمثل السمة المهيمنة على الخطاب السياسي لعبد الإله بنكيران، وبأن تواصله السياسي يتغذى ويتلون بالمرجعية الدينية وتحديدًا بالخطاب الوعظي، مما يميزه عن باقي الخطابات الشعبوية. ويضيف نفس المصدر، في كتاب له حول الشعبوية في خطاب بنكيران، أن قضية العفوية في شعبوية بنكيران مدروسة، وأن اعتمادها على دارجة قريبة من الفصحى، وأيضًا توسلها بتقنية المحكي الدرامي منح هذه الخطابة فرادتها وقوتها وتأثيرها.
مضيفًا أن بعض كلمات بنكيران تعكس الصفات التي يريد ترسيخها في ذهن الجمهور عن خصومه، ويجعل من مظلومية حزبه وخضوعه لمؤامرات الخصوم قاعدته في خطابه السياسي. وتبعا لهذا الاستنتاج، يرى الكاتب أن بنكيران يحاول تكريس صورة عن الخصم الذي يكذب على الشعب ويشتري الذمم، فيميل أحيانًا إلى تشبيه الخصوم بالحيوانات (التماسيح والعفاريت) أو الكراكيز للإحالة على توجيههم عن بعد، كما يعمد في أسلوبه إلى السخرية والتشفي والتشهير والتقليل من الخصم والتنديد بالواقع. وهكذا يخلص “الباحث” إلى أن الخصائص الأسلوبية والخطابية لعبد الإله بنكيران تجعله يمثل نموذجًا للشعبوية في الخطاب السياسي.