تستمر جبهة “البوليساريو” الانفصالية في انتهاك حقوق الأطفال المحتجزين في مخيمات تندوف الواقعة على التراب الجزائري، إذ لم تعد تكتفي فقط بإرسالهم إلى أمريكا اللاتينية لتجنيدهم، في ضرب للمواثيق الدولية الخاصة بحماية حقوق الطفل؛ بل تتاجر فيهم تحت غطاء “تمكينهم من قضاء العطلة الصيفية في دول أوروبية”.
ويظهر مجموعة من الأطفال الصحراويين الصغار وهم يفترشون أرضا متربة إلى جانب أمهاتهم أثناء ترتيب عملية تسفيرهم إلى دول أوروبية في إطار برنامج “عطل-في-سلام”؛ لكن هذه العملية، التي يحاول انفصاليو جبهة “البوليساريو” أن يُظهروا من خلالها “اعتناءهم بأطفال مخيمات تندوف”، تخفي أعمال متاجرة بهم، حيث يتم تسليم الأطفال الصغار إلى عائلات أوروبية مقابل مبالغ مالية مهمة.
ويتم استقبال الأطفال المشاركين في برنامج “عطل-في-سلام” من طرف عناصر “المديرية المركزية” المشرفة على البرنامج، حيث يتم تسجيل أسمائهم والتقاط صور شخصية لهم مع توقيع أوليائهم التزاما بعدم المطالبة بأي حقوق. وقد بدأت العملية، كما هو الحال في ولاية أوسرد والدوائر التابعة لها، منذ 23 أبريل الماضي.
وأفاد الفاعل الصحراوي إبراهيم ولد الرشيد بأن عائلات الأطفال الصحراويين الذين ترسلهم جبهة “البوليساريو” إلى أوروبا تضطر إلى الاستسلام للأمر الواقع، لا سيما في ظل ظروف العيش القاهرة التي ترزح تحت وطأتها، والتي تضطرها إلى التخلي عن أبنائها، أملا في أن يعيشوا حياة أفضل.
وأضاف المتحدث: “منطقة حاسي الرابوني مثلا هي من أصعب مناطق العيش في العالم، والعائلات الصحراوية التي تقطن هناك تمنّي نفسها ألا يعيش أطفالها نفس حياة الشقاء. لذلك، تستسلم وترسل أبناءها إلى أوروبا، على الأقل ليدرسوا؛ ولكن عندما يذهبون إلى هناك تقع مشاكل، وقيادات “البوليساريو” تستفيد ماليا”.
منتدى دعم مؤيدي الحكم الذاتي في مخيمات تندوف المعروف بـ”فورستاين” ندد بدوره بما سماه “البيع والمتاجرة في مستقبل أطفال مخيمات تندوف”.
وقال المنتدى إن “برنامج “عطل-في-سلام” لا علاقة له باسمه لا من قريب ولا من بعيد”، وأنه “مجرد واجهة لترحيل أطفال وبراعم صغار بهدف التبني لدى عائلات أوروبية، بمقابل مادي لشبكات تنشط داخل المخيمات”.
وحسب الهيئة نفسها، فإن الشبكات المستفيدة من العائدات المالية المتأتّية من إرسال أطفال المخيمات إلى دول أوروبية، تتزعمها قيادات جبهة “البوليساريو”، ويشتغل ضمنها أطر محسوبون على قطاع الشباب والرياضة، ومندوبون عن جمعيات بالديار الأوروبية، مشيرة إلى أن “العائلات الصحراوية تدفع أبناءها إلى العيش لدى عائلات أجنبية، بهدف الحصول على مقابل مادي أولا، وبهدف إنقاذ أطفالها من ويلات المخيمات ثانيا، وضمانا لتعليم جيد”.
وعلاوة على متاجرة قادة جبهة “البوليساريو” بهم، فإن أطفال المخيمات الذين يتم إرسالهم إلى أوروبا معرضون لأخطار أخرى، على المستوى القيمي، إذ تُظهر صور تتوفر عليها هسبريس الأطفال الذين سافروا في أول رحلة إلى إيطاليا، نهاية الأسبوع المنصرم، في صورة التقطت لهم بمطار روما، وهم بين “رايات المثليين”.
وتساءل إبراهيم ولد الرشيد: “ما علاقة الترويج للشذوذ الجنسي بالعطلة الصيفية للأطفال؟”، مضيفا: “حتى إذا افترضنا وجود نية حسنة فإن هؤلاء الأطفال معرضون لخطر استغلالهم من طرف الوسطاء”.
وأفاد منتدى “فورستاين” بأن “عددا قليلا فقط من أطفال مخيمات تندوف يعودون بعد انقضاء العطلة، في حين تبقى أعداد مهمة لدى عائلات تتبناها، أو تعيش معها، دون أي ضمانات أو شروط لسنوات طويلة، تصل في الغالب إلى سن التخرج من الجامعة، دون زيارة واحدة للعائلة البيولوجية في المخيمات”.
وإذا كانت العائلات الصحراوية تتخلى عن أطفالها الصغار كرها، أملا في الانعتاق من العيش في جحيم كنف جبهة “البوليساريو”، فإنها في النهاية تجد نفسها في خضم مشاكل مع العائلات الأوروبية التي تتبنى الأطفال، بعد أن يشتد عودهم.
وذكر منتدى “فورستاين” أن السنوات الفارطة شهدت وقوع مشاكل من هذا النوع، بسبب صراع الآباء بالتبني والآباء البيولوجيين، على من له الأحقية في الأطفال، مشيرا إلى أن أطفالا تربوا في كنف عائلات أوروبية عادوا إلى زيارة المخيمات بعد أن كبروا، فقامت عائلاتهم الأصلية باحتجازهم ومنعهم من السفر، “ووقعت أزمات تدخلت فيها قيادة “البوليساريو” التي تنتصر دائما للعائلات الأجنبية، بسبب خوفها من فقد الدعم المقدم لها من طرف الجمعيات الأوروبية”.
وأشار المنتدى المذكور إلى “أن الأطفال ينفصلون عن آبائهم في سن مبكرة، ويتربون لدى العائلات المتبنية على تقاليد وتعاليم دينية مغايرة، وصلت حد اعتناق الكثير منهم للدين المسيحي”، مطالبا بـ”التدخل العاجل لإنقاذ هؤلاء الأطفال، والضرب على يد كل من يتاجر بهم، أو بيعهم تحت مسميات العطل الصيفية”.