بأهداف واضحة وأجندة مدققة، اختُتمت أشغال “قمة جدة للأمن والتنمية”، نهاية الأسبوع الماضي بالسعودية، مع التأكيد في بيان مشترك خليجي-أمريكي على أهمية الشراكة الإستراتيجية بين الدول الخليجية والولايات المتحدة التي اختتم رئيسها جو بايدن جولة زيارات قادته إلى دول في الشرق الأوسط التي دامت أربعة أيام.
ومقابل نفي وزير الخارجية السعودي خلو القمة من “أي نقاش بشأن تحالف دفاعي مع إسرائيل”، أكد قادة مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة، في بيان مشترك على هامش قمة جدة للتنمية والأمن، “التزامهم بحفظ أمن المنطقة واستقرارها”، لا سيما في سياق تصاعد التهديدات الإيرانية وتدخلات طهران في الشؤون الداخلية للدول.
وكان لافتا حضور مختلف الأطراف والدول الفاعلة إقليميا في قضايا مشتركة تواجهها منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة؛ فبالإضافة إلى دول “مجلس التعاون الخليجي”، شارك قادة ورؤساء دول الأردن ومصر والعراق في قمة التأمت لمناقشة الأوضاع الإقليمية وأزمة الطاقة؛ بينما سُجلت عدم مشاركة المملكة المغربية وغيابها عن القمة ولو عبر تمثيل دبلوماسي.
وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في كلمة ختامية، إنها “عكست عمق العلاقات المتينة التي تربط دولنا بعضها ببعض” وبالولايات المتحدة الأمريكية. بينما عبّر عن أمل بلاده في أن تشكل قمة جدة “انطلاقة لعهد جديد من الشركة الإستراتيجية القوية بين دول المنطقة”؛ قائلا إن مستقبل الطاقة يتطلب رؤية واضحة بشأن الأمن والاستقرار، وإيجاد حلول لأزمات الشرق الأوسط، داعيا إيران إلى المساهمة في تحقيق هذه الرؤية.
عبد الحميد بنخطاب، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس-الرباط ورئيس الجمعية المغربية للعلوم السياسية، قال إن “جو بايدن يحاول استبدال سياسة سلفه دونالد ترامب، الذي عمل على تعزيز الحضور الأمني والعسكري الأمريكي بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحضور اقتصادي إستراتيجي وازن يُطمئن حلفاء الإدارة الأمريكية في المنطقة، والمغرب منهم، بالتزامها الدفاع عن مصالح هذه الدول”.
وعن أسباب الغياب المغربي وعدم حضور الرباط لأشغال قمة جدة للأمن والتنمية، اعتبر بنخطاب، في تصريح لجريد هسبريس الإلكترونية، أن المملكة المغربية “ربما قد تكون غابت لأسباب تقنية ولوجستية محضة”؛ لكنه يظل “حاضرا بقوة في إستراتيجيات المنطقة وتحالفاتها وضبط توازناتها الجيو- إستراتيجية”.
وأكمل بنخطاب حديثه منوّها إلى أن “غياب المغرب عن قمة جدة يجب ألا يُفهم منه أنه غياب عن الأجندة الحالية والإستراتيجيات المقبلة لحليفه الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة”، في ظل علم الجميع بـ”انخراط المملكة في اتفاقيات أبراهام وفي السياسة الأمنية للكتلة الغربية بقيادة واشنطن”، لافتا إلى أنه “يجب عدم فهم موقف المغرب على أساس أنه مقاطَعة لمثل هذه الاجتماعات، في ظل عدم إصدار وزارة الخارجية المغربية ولا الأمريكية لأي توضيح في هذا الصدد”.
وخلص الأستاذ الجامعي ذاته إلى أنه “لا نتوفر، إلى حدود الساعة، على معلومات دقيقة تفسّر غياب المغرب؛ عَدا أن تكون هناك أسباب لوجيستيكية وتقنية بالدرجة الأولى حالت دون حضوره”، مشيرا إلى أن “المشاورات الدبلوماسية والعسكرية والإستراتيجية تظل قائمة بشكل يومي بين الرباط والإدارة الأمريكية ودول الخليج في ظل الإستراتيجية الإقليمية المتفق عليها”.