جدل في الوسط الفني يرافق تدبير الحماية الاجتماعية للفئات المشتغلة بمجال فنون العرض، بعد تطبيق القانون المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض والقانون الخاص بإحداث نظام للمعاشات الخاصة بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا.
وصدر في الجريدة الرسمية، شهر مارس الماضي، مرسوم تطبيق القانونين، الذي ذكر في مادته السابعة أن وزارة الشباب والثقافة والتواصل هي “هيئة الاتصال المكلفة بموافاة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالمعلومات المتوفرة لديها” والمتعلقة بفئة الفنانين المشتغلين لحسابهم الخاص.
في هذا الإطار، قال مسعود بوحسين، رئيس النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، إن “هذا الإجراء مهم وأساسي ولا جدال حوله بالنسبة للفئة المعنية به وهي المهن الحرة، وهو إيجابي لها؛ لكنه لا ينطبق على مهنيي العروض، ويصير معيقا لا مساعدا لهم، ويعفي المشغل من أي التزام تجاه المشغلين، ويعفي من تنظيم التوازن بين المقاولة والفنان، ولو أن هذا الأخير مشغل بعقد محدود المدة، بمعنى أن هناك تبعية شُغلية”.
بدوره، سجل أمين ناسور، رئيس جمعية خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، أن هناك “خلطا”؛ حيث “يَعتبرون الفنانين وخاصة الممثلين والمخرجين والمؤدين مشتغلين لحسابهم الخاص، أي مستقلين، وهو أمر غير صحيح؛ فهذه الفئات تشتغل بعقود فينطبق عليها ما ينطبق على الأجراء، بعقود محددة، باستثناء فئة المؤلفين، لكن المؤدي والمخرج أجراء ولا يمكن أن يعاملا بوصفهما مستقلين”.
يذكر أن نقابات فنية سبق أن قدمت مذكرة توضيحية حذرت من أن اعتبار النص القانوني شاملا لـ”جميع فئات الفنانين، بمن فيهم الأجراء في إطار عقود الشغل”، من شأنه “أن يكرس وضعا غير صحيح وغير دستوري، يتمثل في الإدماج القسري للفنانين الأجراء جملة في إطار هذا المرسوم، ولا سيما أنهم يوجدون أصلا في وضعية ضريبية غير سليمة وغير عادلة تتمثل في لجوئهم الاضطراري، لما هو في مصلحة المشغلين، إلى نظام المساهمة المهنية الموحدة أو نظام المقاول الذاتي”.
وفي تصريح لـ هسبريس، قال المخرج أمين ناسور إنه قد “فرض بصفة غير مباشرة على جميع الممثلين والمُؤَدين المشتغلين مع شركات إنتاج أن يعدوا بطاقة المقاول الذاتي، ليرسل رقمها إلى الشركة المنتجة ويدفعوا الضريبة على المبالغ التي تم تقاضيها. وهي مسألة فيها لبس، فنحن أمام طبقة شغيلة في علاقة بالمقاولات، ولسنا أمام فئتين متكافئتين”.
وتابع ناسور: “بعدما فرض هذا، يقع الآن إشكال عند تأدية واجب الضمان الاجتماعي؛ لأن صفة مقاول ذاتي لا تميز بين الفنان وغيره، وتفرض نسبة تؤديها كل شهر حسب طبيعة نشاطك ومدخولك، لكن في الوقت نفسه فرضت انطلاقا من بطاقة الفنان، حيث جمعت الحماية الاجتماعية معلومات جميع الفنانين عبر البطاقة، وأدخلتهم في النظام، وتطالبهم الآن بأداء مستحقات شهرية”.
هنا، سجل ناسور أن فنانين “قد وجدوا أنفسهم يؤدون الحماية الاجتماعية مرتين، كمقاول ذاتي ثم كفنان، وهذا وضع غير صحيح، فنحن مع ورش الحماية الاجتماعية الذي نادى به جلالة الملك، والذي ثمناه ونعتبره ثورة كبيرة في حماية المغاربة ككل؛ لكن يجب أيضا التمحيص وأخذ فئات معينة بعين الاعتبار في المهنيين والمشتغلين، واعتبار خصوصيتهم وخصوصية عملهم؛ لأننا نشتغل في ميدان فيه عمل متقطع، وفيه مجموعة من المخاطر والخصوصيات التي ينبغي مراعاتها”.
بدوره، أفاد النقابي مسعود بوحسين بأنه باستثناء المؤلفين “القاعدة الكبيرة من ممثلين وتقنيين وفناني عروض لا يشتغلون لحسابهم الخاص، بل يشتغلون لحساب الغير بعقود محددة المدة، وهناك تبعية شغلية”.
يحدث هذا في وقت “تقول فيه المادة 60 من المدونة العامة للضرائب إن الفنانين أجراء”، وبالتالي “يكون الاقتطاع من الأصل. ويقول قانون الفنان إن الاقتطاع من الأصل حتى للحماية الاجتماعية، ثم مع “المقاول الذاتي” نجد مجموعة من المهن لا تنطبق عليها هذه الصفة، وهو ما يعني خطأ في المنظومة الضريبية والقانونية للوضعية القانونية للفنان”.
وأضاف بوحسين أن في الواقع من بين من يقف وراء هذا الخلط “لوبيات الإنتاج التي لا تريد الاقتطاع من الأصل، علما أن أغلب الأموال تأتي من الدولة، في غياب قاعدة لاحتساب التكلفة؛ لكن، مع هذا المستجد فضح نظام مسكوت عنه، مبني على أن المتحكم في الفنانين هي مصلحة المنتج”.
هكذا، “مع كون المرسوم يتعلق بالفنانين المستقلين، أعطت وزارة الثقافة لائحة الحاصلين على بطاقة الفنان، وهي لائحة لا تميز بين الوضعية المهنية، وصار الفنان وكأن عنده متجر، وكأنه يمارس عملا حرا، في حين إن القاعدة الكبيرة ممن يعيشون بالفن لا يعملون لوحدهم (…) وفي ظل ما ذكر سابقا، يصير القانون في جهة ومصلحة الناس في جهة، في ظل استفادة فئة من المنتجين، ويصير هناك حيف وظلم تجاه الفنانين”، وفق تعبير النقابي بوحسين الذي دعا إلى “تصحيح الأمر من الناحية القانونية؛ فنحن كنقابة نريد الحماية الاجتماعية للفنانين، التي يؤديها الفنانون بعملهم؛ لكن بالطبيعة القانونية التي وضعها القانون، لا بإضفاء صفة ليست عندهم على عملهم”.