لم تفلح التفاتة الحكومة إلى مدينة جرادة عقب الاحتجاجات التي شهدتها عام 2018، في وضع حد لمآسي أبناء المدينة المشتغلين في آبار استخراج الفحم الحجري، أو “الساندريات” كما يسميها أهل المنطقة، حيث لقي ثلاثة عمال مصرعهم خلال الأسبوع الجاري.
وإذا كانت مدينة جرادة قد استعادت هدوءها، فإن العاملين في آبار استخراج الفحم مهددون بخطر الموت في أي لحظة، في ظل الاستمرار في الاشتغال بوسائل بدائية لا تضمن لهم الحماية، بينما لا يلوح في الأفق أي حل جذري يضمن لهم العمل في ظروف آمنة.
وأفاد محمد بونيف، عضو فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في جرادة، بأن التعاونيات هي التي أصبحت تسيّر مناجم الفحم في المنطقة، بما فيها البئر التي أزهقت فيها أرواح ثلاثة عمال قبل أيام.
وأضاف الفاعل الحقوقي ذاته، في تصريح لهسبريس، أن عمال مناجم الفحم في جرادة كانوا يشتغلون في ظروف آمنة إبان الفترة التي كانت فيها المناجم مستغلة من طرف إحدى الشركات، ومنذ انسحابها أصبحوا يشتغلون في ظروف تغيب فيها شروط السلامة.
وعلى الرغم من أن استغلال آبار استخراج الفحم أصبح يتم تحت إشراف التعاونيات التي يتكتّل فيها العمال، إلا أن الظروف التي يشتغلون فيها لم تتحسن، ما أفضى إلى مصرع ثلاثة منهم في بئر بجماعة العوينة يوم الثلاثاء الفارط، جراء اختناقهم بغاز ثاني أوكسيد الكربون، بحسب السلطات المحلية.
وتم إغلاق الشركة المستغلة لمناجم الفحم في جرادة قبل عشرين عاما. ظل أبناء المنطقة، منذ ذلك الحين، يشتغلون بشكل سري، حيث تتواجد في عين المكان مئات الآبار لا تتوفر فيها أدنى شروط السلامة.
واندلعت الاحتجاجات في المدينة عقب مصرع شابين كانا بصدد استخراج الفحم من إحدى الآبار، وتحركت الحكومة مقدمة مجموعة من الوعود، لكن أرواح العمال ظلت مهددة إلى أن وقعت فاجعة الثلاثاء الماضي.
واعتبر محمد بونيف أن أصحاب “الساندريات” هم الذين اختاروا العمل في إطار التعاونيات، على اعتبار أن هذا هو الحل الوحيد أمامهم للخروج من السرية ولاشتغال بشكل قانوني، أما الحل لوضع حد لسقوط ضحايا جدد، يضيف المتحدث، “فهو وجود شركة تضمن للعمال شروط السلامة، كما كان عليه الحال قبل توقيف الشركة السابقة”.
وعلى الرغم من استمرار خطر الموت، فإن ظروف اشتغال العمال تحسّنت حاليا مقارنة مع ما كانت عليه قبل التدخل الحكومي سنة 2018، حيث أفاد عبد الرحمان، أحد العمال المشتغلين في “الساندريات”، بأن العمال في ظروف قانونية، ومصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ويتلقون أجورهم بشكل منتظم خلال نهاية كل أسبوع (يوم الجمعة)، لافتا إلى أن الأجر يختلف من عامل إلى آخر حسب كمية الفحم.