أخبارنا المغربية – عبدالاله بوسحابة
يسود شبه إجماع بين جل المتابعين المغاربة، أن مسلسل “بين لقصور”، لمخرجه “هشام الجباري” وكاتبته “بشرى مالك”، هو أفضل عمل درامي خلال شهر رمضان الحالي، بالنظر إلى القفزة اللافتة التي بصم عليها صناع هذا العمل سواء من حيث كتابة القصة، التشخيص، الإخراج..
وارتباطا بالموضوع، تشير بعض التقارير الإعلامية إلى أن “بين لقصور” هو أكثر مسلسل يبحث عنه المغاربة عبر محرك “غوغل” خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان، متبوعا بـ”دار النسا” و”جوج وجوه”.. وهي الإحصائيات التي تفسر حجم النجاح الكبير الذي يحققه هذا العمل، بدليل حجم الإشادات العالية التي يتلقاها أبطاله بشكل يومي.
في ذات السياق، نشر الناقد المغربي “فؤاد زويريق” تدوينة مطولة عبر حسابه الفيسبوكي، أكد من خلالها قائلا: “إذا خُيرت بأن أختار عملا دراميا مغربيا من بين كل هذه الأعمال التي تعج بها قنواتنا، بالإضافة إلى قناة MBC5، فسأختار مسلسل بين لقصور”، مشيرا إلى أنه: “هو الأفضل حسب رأيي لعدة أسباب”.
أول هذه الأسباب برأي “زويريق” هي كتابة السيناريو، حيث قال في هذا الصدد: “الكتابة قبل كل شيء، فهي النواة والأساس”، موضحا أنه إلى حد الآن: “هناك ضبط وتحكم في الخط الدرامي الرئيسي وكذا الخطوط الفرعية، وسلاسة في تتابع الأحداث وتشابكها وبنائها بشكل مدروس، ليس على مستوى الأحداث فقط، بل حتى الشخصيات التي بنيت ونسجت بشكل مقنع، كل واحدة منها حسب تاريخها وحمولتها الثقافية والتعليمية..”.
وتابع الناقد المغربي حديثه عن مسلسل “بين لقصور” قائلا: “كما أن هناك عقد نفسية شكلت طبيعة الشخصيات الرئيسية المتحكمة في خيوط الأحداث، بدأت تتكشف شيئا فشيئا”، مشيرا إلى أن شخصية “الغندور” التي جسدها الفنان “محمد خيي” مثلا، تعاني من عقدة ما هي التي جعلتها تلك القسوة والبطش، وفق تعبيره، إلى جانب شخصية “الطبيب فريد” المضرب عن الزواج، والتي شخصها الفنان “عزيز حطاب”، وأيضا شخصية سكينة المنهارة التي أدتها الفنانة الكبيرة “هدى الريحاني”…
في سياق متصل، قال “زويريق”: “هذا ليس بغريب عن كاتبة السيناريو بشرى ملاك، التي خبرت تقنيات الكتابة، وتعرف كيف تقبض على الأحداث وتتلاعب بالشخصيات وتتحكم فيها، لكن يبقى الخوف من الحلقات الأخيرة وخصوصا القفلة أو النهاية، فقد عودتنا أغلب الأعمال المغربية على ضعف نهاياتها وسذاجتها”.
أما السبب الثاني، يضيف ذات المتحدث: “فهو التشخيص الجميل والممتع لأغلب الممثلين، فالفنانة السعدية لديب تقوم بدور غاية في الروعة حيث تعمقت في الشخصية بشكل ملفت وعميق كما عودتنا دائما، وأنا شخصيا أنتظر مشاهدها بشغف، هدى الريحاني أيضا، وعزيز حطاب، ومحمد خيي الذي أجده رغم تألقه في هذا الدور قد بالغ كثيرا في تفخيم صوته بشكل مزعج -على الأقل بالنسبة لي- وهذا يظهره أكثر تصنعا وكلفة، لكن تشخيصه يبقى احترافيا الى أبعد مدى”.
وتابع الناقد ذات حديثه قائلا: “كل هؤلاء المشخصين طبعا راكموا تجارب وخبرات لعدة عقود، فلن نندهش من تألقهم وتميزهم، أما حليمة البحراوي، وسعيد ضريف، وماريا لالواز، وليلى الفاضلي فقد أبانوا على إبداعهم وموهبتهم في تشكيل قوة ضاربة تضاهي قوة تشخيص الأبطال الرئيسيين الذين ذكرناهم”.
في مقابل ذلك، يرى “زويريق” أن التصوير كان عاديا ولم يخرج عما اعتدناه في باقي أعمالنا الدرامية، وفق تعبيره، نفس الشيء بالنسبة للإخراج، حيث قال في هذا الصدد: “هناك اجتهاد ملحوظ ومتقن في تسكين الأدوار والربط بين عناصر العمل، بل حتى فضاءات التصوير الرئيسية لم تخرج عن المعتاد، لا وجود للتنوع فهناك فضاء شبه خارجي/ الدرب، وفضاءات داخلية/ بيوت ومقهى يتيم صغير وكئيب..”.
وتابع “زويريق” قائلا: “رغم هذه العيوب، فالعمل فيه إثارة وتشويق، بفضل كما قلت السيناريو المحكم، والتشخيص القوي، كما فيه أيضا إسقاطات أعتبرها مهمة في ظل ما هو متاح للتعبير عنه”، مشيرا إلى أن درب “بين لقصور”، هو بمثابة مجتمع مصغر يضم فئات مختلفة من السكان، والغندور هو الحاكم الفعلي لهذا المجتمع، يحكمه بالبطش والظلم والخوف.
كما شدد ذات الناقد على أن: “الغندور مع رجاله هو سلطة فاسدة غير شرعية، غالبا سيكون مصيرها في النهاية إما السقوط والانهيار نهائيا، أو التدجين”، مشيرا إلى أن: “الجميل أيضا هو أن بشرى ملاك جعلت من المرأة في العمل، القوة المتمردة والثائرة دائما على الظلم والبطش”، قبل أن يختم تدوينته بالقول: “باختصار، هذا العمل الدرامي يبقى الى حد الآن أفضل الأعمال المغربية المعروضة، وفيه ما يكفي من العناصر الجاذبة للجمهور”.