لفتت الوضعية الحادة لندرة الموارد المائية، التي يمر منها المغرب منذ سنوات نتيجة شح التساقطات المطرية وتوالي ظاهرة الجفاف، انتباه الفاعلين مرة أخرى إلى مشكلة مسابح “الفيلات الخاصة” التي تبقى في جزء منها “عصية على الضبط”؛ وذلك من خلال عودة الدعوة إلى “توسيع صلاحيات شرطة المياه حماية للحق في الماء باعتباره ثروة وطنية مشتركة، من خلال منحها إمكانية الولوج إلى أماكن خاصة حصرا لمراقبة مدى تبذير المياه”.
وكانت الإشارات متوجهة إلى سلطات الإدارة بخصوص تدبير وضعية الإجهاد المائي، من أجل أن تنضاف “مسألة المسابح الخاصة ضمن القيود والإجراءات الموضوعة على مسألة استهلاك الماء وعقلنة استعمالاته، سواء الصالح للشرب أو المستخدم للسقي وأنشطة أخرى”. لذلك، نبه الفاعلون إلى أن “معالجة مشكلة الضغط على الموارد المائية يتعين أن تكون شاملة في انتظار تعزيز الاعتماد على الموارد غير الاعتيادية، من خلال توسيع مشاريع تحلية المياه المالحة”.
إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية لحقوق الإنسان، قال إن “النظر إلى مشكلة الماء لا يمكن أن يتم بمعزل عن كونه حقا أساسيا لكل فرد بحصة استهلاكية معقولة، وعلى اعتبار أن الأمن المائي ليس ترفا”، مسجلا أنه “بهذا المعنى، الحديث عن توسيع صلاحية شرطة المياه، التي ضمن مهامها مراقبة استخدامات المياه وضبط الاستغلال غير القانوني للموارد، وتخويلها التدخل لمعرفة مصير آلاف الأمتار المكعبة الموجودة داخل مسابح خاصة يعد مطلبا جديا”.
ولفت المتحدث عينه إلى أن “المغرب يعتبر في حالة طوارئ مائية؛ ولذلك علينا، كلنا، اتخاذ كل الإجراءات الممكنة لتكييف أنشطتنا مع هذه الظرفية الصعبة التي تم إعلان شح الموارد فيها رسميا. والملك محمد السادس تدخل بشكل شخصي للإشراف على هذا الموضوع؛ بالنظر إلى جدية المرحلة التي دخلنا فيها”، منبها إلى أن “الحكومة ما زالت متلكئة في فتح حوار وطني حول الماء وتطبيق ما نادى به الملك وطالبت به الجمعيات الحقوقية”.
وكان الملك محمد السادس قال، في خطاب العرش الأخير، إنه “أمام الجهود المبذولة لتوفير الماء للجميع، علينا أن نصارح أنفسنا بخصوص عقلنة وترشيد استعمال الماء؛ لأنه لا يعقل أن يتم صرف عشرات المليارات، لتعبئة الموارد المائية. وفي المقابل، تتواصل مظاهر تبذيرها، وسوء استعمالها؛ فالحفاظ على الماء مسؤولية وطنية، تهم جميع المؤسسات والفعاليات. وهي أيضا أمانة في عنق كل المواطنين”.
ودعا العاهل المغربي “السلطات المختصة إلى المزيد من الحزم في حماية الملك العام المائي، وتفعيل شرطة الماء، والحد من ظاهرة الاستغلال المفرط والضخ العشوائي للمياه. كما ندعو بقوة إلى المزيد من التنسيق والانسجام بين السياسة المائية والسياسة الفلاحية، لاسيما في فترات الخصاص، مع العمل على تعميم الري بالتنقيط”؛ وهو ما عده السدراوي “تصريحا ملكيا يستدعي التعاطي مع الموضوع بشمولية من خلال أولا توحيد قطاعات الماء؛ لأن التشتت كشف عن تضارب في السياسات، وثانيا من خلال إخراج المجلس الأعلى للماء من أجل تمكين مؤسسة واحدة في هذا المجال تضمن الالتقائية بين السياسات وتوسع صلاحيات شرطة المياه، حتى يكون بمقدورها وضع اليد على الاختلالات التي تكون في فضاءات خاصة مثل فيلات الأثرياء”.
وأكد رئيس الرابطة المغربية لحقوق الإنسان أن “ذلك ليس انتهاكا لخصوصية هذه الفضاءات؛ بل تفعيلا لمطالب المؤسسة الملكية والحقوقيين والمهتمين حفاظا على السلم الاجتماعي للمغاربة”، موضحا أن “هذه المسابح يتعين أن يتم ربطها بعدادات لمعرفة الكميات المستهلكة فيها، ومراقبة عدم ملئها خلال الفترات التي تتخذ فيها السلطات إجراءات استثنائية”، مشيرا كذلك إلى “مسألة حفر الآبار التي تكون في أحيان كثيرة مزودة لهذه المسابح بالمياه، والتي تتم خارج الضوابط القانونية وخارج سياق الرقابة القبلية أو البعدية؛ وهو ما يشكل مغامرة بأمننا المائي من خلال استنزاف الفرشة المائية التي نحتاجها أكثر من أي وقت مضى”.
وأورد المتحدث عينه أن “هذه الفترة تحتاج قرارات جريئة، لاسيما في ما يتعلق بالماء الذي هو مادة نفيسة وسريعة التلف اليوم”، مشددا على “إمكانية تفاقم الأزمة إذا لم يتم اتخاذ هذه القرارات بشكل مستعجل”.
وزاد الفاعل الحقوقي سالف الذكر خاتما: “كل هذا يقتضي التواصل مع الشعب المغربي بالشفافية والوضوح الكافيين؛ فالإجهاد المائي خطر استراتيجي لا يحتمل أن يكون موضوع سياسة أو مزايدات أو نقاشات طبقية، لكونه حقنا جميعا في الماء، للشرب ولاستعمالات الصرف الصحي”.