في أعقاب قرار الجزائر، منذ أواخر أكتوبر 2021، إغلاق خط أنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي بشكل أحادي، وعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها، اتجهت إسبانيا، بشكل جذري، إلى تخفيض وارداتها من الجزائر لصالح الغاز الأمريكي، وربما أسواق بديلة أخرى منتجة لهذه المادة الحيوية طاقيا واقتصاديا.
وعززت الولايات المتحدة مكانتها كـ”مورّد رئيسي للغاز نحو إسبانيا”، خلال النصف الأول من العام 2022؛ مع نقل 34.4 في المائة من المشتريات (ما يعادل 78.078 جيغاواط ساعة).
وكشفت بيانات أحدث نشرة إحصائية لشركة الغاز الإسبانية “إيناغاز”، نُشرت الاثنين الماضي، عن الأرقام التراكمية للنصف الأول من العام أن الواردات الأمريكية من الغاز زادت بمعدل فاق 4 في المائة، مرتفعا من 18 ألف جيغاواط ساعة في النصف الأول من 2021 إلى 78 ألف جيغاواط ساعة بين يناير ويونيو 2022.
وتراجعت واردات غاز الجزائر نحو إسبانيا بنسبة 41 في المائة في النصف الأول من 2022 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. وبالملموس، اشترت إسبانيا ما قدره 55.962 جيغاواط ساعة من الغاز من الجزائر؛ منها 51.484 جيغاواط ساعة (92 في المائة) وصلت عن طريق خط أنبوب الغاز (ميدغاز)، والباقي عن طريق ناقلات الغاز الطبيعي المسال.
ووفقا لـ”إيناغاز”، فإن هذه الأرقام تؤشر على انخفاض في الغاز الجزائري الذي يصل إسبانيا عبر خط الأنابيب بنسبة 40 في المائة مقارنة بالنصف الأول من العام الماضي.
وعدّد المحلل الاقتصادي رشيد ساري أسبابا عديدة دفعت الإسبان إلى التخلي عن غاز الجزائر؛ يظل أهمها “ارتفاع تكلفة هذا الأخير، وانخفاض مستوى جودته نظرا لعدم استثمار الجارة الشرقية للمغرب في تجديد معدات استخراج وإنتاج الغاز”، مفسرا أن ذلك جعل مدريد “تبحث عن أسواق جديدة في أمريكا أو النرويج أو حتى الخليج”.
وسجل ساري، في حديث مع هسبريس، أن السبب الحقيقي والأعمق، في تقديره، هو أن “الغاز الجزائري لا يحظى بجودة عالية قادرة على جعله تنافسيا”، مشيرا إلى أن هذه الخطوة ليست وليدة اللحظة؛ بل تعود جذورها إلى سنة قبل ذلك.
وخلص المتحدث ذاته، ضمن تصريحه، إلى القول إن ما يقع اليوم فقط هو “تحصيل حاصل”، معتبرا أن الجزائر تؤدي اليوم تكلفة قراراتها واختياراتها الخاطئة، عندما فضلت الاستثمار في مجالات بعيدة عن الاقتصاد والطاقة، من أجل إشباع رغبتها في “ضرب مصالح المغرب”.
جدير بالتذكير أن خط أنابيب الغاز المغاربي-الأوربي عاد، منذ أواخر يونيو المنقضي، إلى العمل بتدفق عكس ما كان عليه الحال قبل قرار الجزائر إيقاف تصدير الغاز عبره إلى إسبانيا في أكتوبر الماضي. وكان شاهدا على نقل أول شحنة تصدر عبر هذا الخط تم شراؤها من قبل المغرب في الأسواق الدولية وتفريغها في مصنع إعادة تحويل الغاز في إسبانيا.