تستقطب شواطئ إقليم الناظور المتعدّدة والمتنوعة عددا كبيرا جدا من السياح من داخل وخارج المغرب سنوياً خلال موسم الاصطياف، وهو ما يشكّل بالنسبة للفاعلين السياحيين في مختلف المجالات فرصة مهمة لتحقيق انتعاشة اقتصادية ينتظرونها سنوياً وإن كانت موسمية.
لكن الإقبال على هذه الشواطئ يطرح إشكالا حقيقياً يتعلّق بأماكن المبيت أو الإقامة خلال فترة الاصطياف بها، ذلك أن أغلبها لا تتوفّر على وحدات فندقية مجاورة أو منازل للاستئجار.
وتتواجد أغلب هذه الشواطئ في مناطق بعيدة عن المدن أو القرى المأهولة بالسكان، وتحيط بها الجبال، كما أن أغلب الطرقات التي تؤدي إليها غير معبّدة، وهو ما يجعل توفّر المقبلين عليها على وسيلة نقل ضرورة ملحّة للتنقل لكيلومترات إلى مدن مجاورة كالناظور وسلوان وقرية أركمان ورأس الماء، للبحث عن أماكن للمبيت.
في مدينة الناظور، خلال جولة لهسبريس، يتبيّن أن العثور على غرفة للمبيت في أحد الفنادق، مصنّفة كانت أو غير ذلك، أو شقة للإيجار، أمر ليس بتلك السهولة التي يكون عليها طوال أشهر السنة، إذ لا يكتفي موظفو الاستقبال في الفنادق بالاعتذار عن عدم توفّرهم على غرفة شاغرة، بل يذهبون إلى النصح بعدم بذل الجهد في البحث عن واحدة في باقي الفنادق، لأن جميعها محجوزة.
وإن كان العثور على غرفة في أحد الفنادق أو الشقق المفروشة ممكنا فإن أثمانها ليست في متناول الجميع، كما أنها لا تتطابق مع الأثمان المبيّنة في المواقع الإلكترونية أو تطبيقات الهاتف الخاصة بالحجز القبلي، إذ يتم رفعها بالضعف على الأقل، وفق ما عاينته الجريدة.
ويرى مالك إحدى الشقق المفروشة، التي يؤجرها مقابل 500 درهم لليلة الواحدة، ولا يبدو متحمساً للرّاغبين في استئجارها لليلة واحدة فقط، (يرى) أن هامش ربحه “قليل جدا”، ويبرّر ذلك في حديثه إلى هسبريس بالمصاريف التي تشمل الماء والكهرباء والمنظفات، إلى جانب عمولة الوسيط الذي يبحث له عن الزبائن.
أما مسيرة وحدة فندقية وسط المدينة فأكدت أن أغلب الزبائن الذين يتصلون بالفندق عبر الهاتف أو يتوافدون عليه لا يهتمون أبداً بالسعر، إذ بمجرد تأكدهم من وجود غرفة شاغرة يحجزونها على الفور، وأضافت في حديثها إلى الجريدة أن هذه “الأزمة” في الغرف الشاغرة لم يكن القطاع الفندقي بمدينة الناظور يتوقّعها، مرجعة ذلك إلى “أزمة فندقية أكبر” في مدن السعيدية والحسيمة أو الشمال بصفة عامة، ما يدفع الكثيرين إلى التوجه نحو الناظور، “قبل أن يفاجؤوا بأن الأمر لا يختلف كثيرا عن هذه المدن السياحية الأخرى”، وفق تعبيرها.
في المقابل، اعتبر أفراد من الجالية المغربية المقيمة بالخارج، في تصريحات متفرقة لهسبريس، أن أثمان الفنادق “مبالغ فيها”، مبرزين أنهم تفاجؤوا بنسبة الزيادة التي عرفتها ليالي المبيت، ومشيرين في الوقت ذاته إلا أن نسبة كبيرة من الوافدين على المدينة يجدون أنفسهم مرغمين على الحجز، “وإلا غادين يباتو فسياراتهم بحال فالحسيمة”، يورد أحد المتحدثين إلى الجريدة.
أما في مدينة السعيدية فالزائر خلال الأسبوع الجاري، لاسيما في نهاية الأسبوع، لن يلحظ المشهد المألوف لأشخاص يقفون على أرصفة شوارع المدينة وهم يصدرون صوتاً عبر التلويح بمفاتيح في أيديهم، في إشارة منهم إلى من يرغب في استئجار شقة أو منزل، وهو ما يعني أن أغلبها محجوز، إن لم نقل كلها، بينما قد يعثر الوافد على المدينة السياحية شقة شاغرة بعد بحث مضن، لكن في منطقة هامشية من المدينة لا يفضلها أغلب السياح.
عثمان، حارس سيارات في شارع يعرف حركية دؤوبة وسط المدينة، يقول في حديثه إلى هسبريس إنه بالموازاة مع عمله هناك يتوسّط للعديد من ملاك منازل الإيجار في جلب الزبائن. “واخا دور متلقاش، غادي غير تضيع ليصونص”، يخاطب عثمان رب إحدى الأسر الوافدة على المدينة، محاولاً إقناعه باستئجار إحدى الشقق، وهي عبارة عن “أستوديو”، أي شقة صغيرة المساحة، اقترحها على زبونه المحتمل بمبلغ 600 درهم لليلة الواحدة.
وساهمت عودة عملية “مرحباً” التي غابت لسنتين متتاليتين في عودة ملايين المغاربة المقيمين بالخارج، إلى جانب توافد السياح الأجانب من مختلف بلدان العالم، وذلك بعد رفع المغرب أغلب قيود السفر التي فرضتها جائحة كورونا، الأمر الذي رفع من ليالي المبيت في الفنادق، ليس بالناظور والسعيدية وحسب، بل في أغلب المدن السياحية.