يواصل الرعاة الرحّل إلحاق الأضرار بممتلكات سكان عدد من المناطق في سوس، ليطال الرعي الجائر المشاريع الفلاحية التي أنشأتها وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، في إطار مشاريع برنامج مخطط المغرب الأخضر، لا سيما مشاريع غرس شجرة أركان واللوز.
وأكد محضر معاينة غرس اللوز قامت بها لجنة مكونة من ممثل المديرية الإقليمية الفلاحية بأكادير وممثلي المجتمع المدني هذا المعطى، حيث أكدت اللجنة في المحضر الذي اطلعت عليه هسبريس أنها عاينت وجود قطعان من الغنم والماعز مملوكة للرعاة الرحل منذ شهور في المناطق التي زارتها بجماعة إداوكنيضيف.
وأوردت اللجنة المذكورة، في محضر المعاينة الذي أنجزتها، أنها عاينت العديد من الأضرار التي ألحقتها قطعان الرعاة الرحل في مغروسات اللوز بنسبة مهمة؛ “مما أدى إلى تدهور هذه المشاريع”.
ووفق المعطيات الواردة في وثيقة أنجزها مكتب للدراسات التقنية لفائدة المديرية الإقليمية للفلاحة بأكادير، فإن المناطق التي نُفذت فيها مشاريع غرس اللوز في جماعة إداوكنيضيف أصبحت متدهورة، بسبب الرعي الجائر، بالرغم من أعمال الري والصيانة التي تخضع لها.
وأكدت الوثيقة ذاتها أن معظم شجيرات اللوز المزرعة قد تعرضت للتهجم، مع تسجيل قضْم عل مستوى الأجزاء الخضراء للنباتات، مما يحول دون نموّها، ومن ثمّ ذبولها.
وتشهد المعطيات التقنية التي تضمنتها الوثيقة على تضرر مشاريع غرس اللوز في جماعة إداوكنيضيف، المنفذة من طرف وزارة الفلاحة في إطار مخطط المغرب الأخضر، بشكل كبير، حيث تدهورت المغروسات بشكل كبير بسبب الرعي الجائر.
وبلغت نسبة نجاح بعض مشاريع غرس اللوز 90 في المائة، قبل هجوم الرعاة الرحل، كما هو الحال في منطقة “إفلوسن”، حيثُ نُفذت مشاريع الغرس في مساحة تقدر بـ50 هكتارا؛ لكن نسبة نجاح المشروع تراجعت إلى 40 في المائة فقط بعد هجوم الرعاة الرحل.
وبلغت نسبة النجاح في منطقة “إفرخسن” 70 في المائة قبل هجوم الرعاة الرحل، لتتدهور إلى 30 في المائة فقط بعد الهجوم، وتراجعت من 80 في المائة، في مناطق “آيت سحنون” و”إمحلين”، و “إيزوكاين”، إلى 50 في المائة، ومن 75 في المائة إلى 40 في المائة في منطقة “ماداو”.
وما زالت تتوالى دعوات سكان المناطق التي تتعرض لهجوم الرعاة الرحل في عدد من مناطق سوس، لا سيَما بعد مواصلتهم الاعتداء على المحاصيل الزراعية ومحاصيل اللوز وأركان.
وأفاد رياض عرفة، رئيس اتحاد جمعيات إداوكنضيف، بأن الرعي الجائر يهدد السِّلم الاجتماعي في المناطق التي يستهدفها الرعاة الرحل، مشيرا إلى أن منطقة إداوكنيضيف شهدت يومي الجمعة والسبت الماضيين مواجهات مباشرة بين سكان المنطقة ومجموعة من الرعاة الرحل الذين هجموا على أراضي الساكنة وممتلكاتها من أشجار اللوز وأركان ومنابع مياه الشرب.
وتمكن سكان المنطقة عقب المواجهة مع الرعاة الرحل اقتياد عدد كبير من رؤوس الأغنام صوب مقر قيادة مركز إداوكنيضيف، وبعثوا شكايات في الموضوع إلى السلطات عبر البريد المضمون، بعد أن رفضت تسلمها منهم، حسب إفادة رياض عرفة.
وحذر الفاعل الجمعوي ذاته من أن تتحول الانتهاكات التي يقترفها الرعاة الرحل لممتلكات الساكنة وما ينجم عنها من مواجهات مباشرة إلى “انفجار اجتماعي يصعب توقع مداه وعواقبه، خاصة مع توالي سنوات الجفاف وقلة الموارد المائية، إضافة إلى تدهور القدرة الشرائية للساكنة الجبلية مع ارتفاع الأسعار وقلة فرص الشغل وإحساس الساكنة بتخلي الدولة عن أمنهم وحمايتهم”، على حد تعبيره.